لا أخالفك الرأي بأن عملية العفو و الصفح ثقيلة على القلب، إذ كيف تنسى الأذى الذي حُمّلت به من شخص ما و كيف أتعافى من هذه الأذية التي ربما تمادى أثرها النفسي على بدنك ، فتسرّب الهم على شكل صداع ، ضيق تنفّس أو حتى قولون عصبي ملتهب.
دعني إذاً أخبرك بأن معجزة الشفاء من أمراض القلب و النفس و التي قد تتعدى إلى أمراض جسدية هي معجزة العفو عن النًاس و التعلّق بفضل الله. تذكًر أنهم بشر و البشر غير كاملين و غير مثاليين البتة و المتوقع منهم الخطأ و الزلل و سوء التدبير. تذكَر أنك أنت بذاتك قد تخطيء هذا الخطأ دون أن تحسب له حساباً بوسوسة شيطان في لحظة ضعف أو بأمر من النّفس الأمارة بالسوء إلا من رحم ربي، فـ في نهاية المطاف الإنسان خطّاء و غير كامل والكامل هو الله وحده ، الغفور الرحيم والذي يدعو إلى العفو والمغفرة.
﴿وليعفوا وليصفحوا ألا تحبون أن يغفر الله لكم والله غفور رحيم﴾
حتى أنّها لحظة انتصار على النفس و شفاء للقلب و سلام في الروح هي اللحظة التي تكتم فيها غيظك و تعفوا عن ربما عن من أساء إليك و قد تحسن إليه رغم أنك تستطيع ردّ الإساءة منذ البداية ولا يمنعك عنها إلا طمعك بجنة عرضها السماوات والأرض في الآخرة و العيش بنفس رضية مسالمة في الدّنيا. تذكر دائماً أن الصفح الجميل الذي لا عتاب فيه و لا منّة هو الصفح الجميل الذي قبل أن يضفي أي شيء على من عفوت عنه يضفي عليك و يزيدك طمأنينة و راحة و سلاماً داخلياً. أليس من نعيم الجنةّ قوله تعالى " وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ " فـ انزع ما في صدرك من غلّ لاخوانك تنعم بجنّة في الأرض قبل جنة السماء!
Comments