المتغيرات التي نعايشها اليوم أصعب من أي وقت مضى ، فيظل البقاء في صلابة نفسية متزنة يعتبر تحدّي كبير في حياتنا اليومية.
تستيقظ صباحاً لتدرك أنك في يوم جديد، تستعد للانطلاق لعملك فترتدي هندامك المفضل و تتعطر بأفضل عطورك المصفوفة بعناية ، ترسم على شفاهك ابتسامة تُحيّ بها نفسك و تنطلق إلى العالم المملوء بأشخاص مختلفين الطباع و السمات و الأفكار فتتصادم معهم واحداً تلوالآخر ، تتعرض في يومك لشتى المواقف التي تتحدى ابتسامتك التي اجتهدت برسمها صباحاً على شفاهك فتبهت تلك الابتسامة شيئا ًفشيئاً حتى تختفي ، لأن الحياة أحياناً لاتكون مثل توقعاتك المثالية ربما ، و ربما لأنك نسيت أن تستعد صباحاً بجانب استعدادك لمظهرك الأنيق أن تجهّز نفسك لياقياً لتقلبات هذه الحياة التي لاتأتي على وتيرة واحدة.
فنحن في هذه الحياة مثل أمواج المحيط ، نتقلب فيها كيفما اختلفت ، كيفما تغيّرت الرياح و اشتدت يمنةً و يُسرى. نتمازج مع تقلبات المحيط و نقاوم كل يوم من أجل أن نبقى على أفضل حال في أي مكان كنا فيه وسط هذا المحيط الواسع التي لايمكن الثقة به ولا توقع مُفاجآته، نقاوم طوال حياتنا حتى نستريح في النهاية حين نصل إلى رمال الشاطيء بسلام.
وحتى تعيش بصلابة نفسية في وسط هذه المتغيرات والتقلبات لابد أن تقوّي نفسك و تطورها بالعلم و المعرفة و التدريب.
فكما أن عضلات جسمك تحتاج إلى لياقة و تدريب يومي لتقوى و تكبر ، كذلك هي صحتك النفسية تحتاج منك تدريب لتحافظ علي لياقتها و المحافظة على مستوى من الإتزان و الصلابة.
كأن تتعلم أن كل شخص ستواجهه و تعمل معه هو مختلف عنك كلياً بشخصيته و طباعه و أفكاره و تعرف كيف تفصل نفسك عن تصرفات أحدهم المزعجة لأنها تعبر عن نفسه وعن نشئته وتاريخ طويل من الماضي الذي عاش به فلا تربطها بك أولاً قبل كل شيء ثم تدرّب نفسك أن تتفادى الاصطدام به ثانياً.
يختلف الناس بين بعضهم البعض لأن كلاً منهم يزن الأمور بميزانه الخاص و يقيسها بمسطرة نظرته المحدودة للأمور فكل منهم يرتدي نظارته الخاصه به لرؤية المواقف فلا يكادون أن يروا الاختلاف الهائل بين تكوين كل فرد ، شخصيته ، طباعه و الظروف التي مرّ بها.
وكذلك من أهم الأركان التي تتخذها حتى تصل لبر الأمان في رحلة الحياة المملوؤه بالسلام , الأمل و الرضى بأن تأوى إلى ركن شديد ، فتقوي الحبل الرابط بينك وبين خالقك و مدبرك ، مصدر الأمان. بأن تلجأ له و تطلب عونه في كل أمورك من أصغرها إلى أكبرها رجاءً و رهبةً و رغبة. فلا منجا و لا ملجأ منه إلا إليه. لتهنأ بالحياة الطيبة التي ترنو إليها بسلام داخلي وسط صعوبات و متغيرات اليوم ، زد من وعيك و علمك و درّب نفسك كل يوم لتتجاوز و تحافظ على لياقتك النفسية و توكل على الله.
يومك سعيد
Comments