top of page
Search
  • fatimahalsayel

انظر إلى جمال اللوحة

مع كل صباح جديد تختلف المساعي وتتباين النوايا بيننا، لماذا ننهض وما الذي يشغلنا وإلى أين نحن ذاهبون؟ يبدأ اليوم وينتهي، وهكذا الأسابيع والشهوروالسنوات في دوائر لا نهائية من الزمن. الكل متجه لتحقيق هدف أو رغبة ما، وياله من أمر رائع أن نحقق أهدافنا!

لكننا في نهاية هذه الحياة نواجه مصيرًا محتومًا ومعروفًا، نودِّع فيه أحبابنا ومانملك، ونتجرد من كل شيء؛ فما هو الإرث الذي سيظلُّ وراءنا حين نرحل؟

وأنا هنا لا أقصد إنجازاتنا وشهاداتنا المعلَّقة على جدار الفخر، بل أتكلم عن البصمة التي نخلِّفها في قلوب الناس؛ تلك الثمار الطيبة من الشجرة الطيبة، التي أصلها ثابت وفرعها في السماء.

هذا هو الإرث الحقيقي لك في هذه الحياة؛ كل لمسة حانية، أو ابتسامة مشجعة، أو لفتة محفزة، أو كلمة طيبة تشكِّلها حروف بسيطة تخرج من فمك، لكنها تزرع بذرة للحياة في قلب من وجهتها له، فتُسعد يومه أحيانًا، وتغير حياته أحيانًا أخرى.

كبرنا في مجتمع له عين دقيقة الملاحظة، تلاحظ الفشل والإخفاق، وترى القطعة الناقصة في اللوحة، لكننا في حاجة أيضًا إلى تأمل جمال اللوحة! فلتكن عينك لمَّاحة لصفات الناس الرائعة وأفعالهم النبيلة، وكُن أول من يبادر بالثناء عليها.

أنت لا تعلم أن الكلمة البسيطة التي تركتها في مسامع شخص ما وجدت طريقها إليه، وشجعته وفتحت أمامه أبوابًا جديدة، وأنَّ مجرد استماعك إلى شخص مرَّ بظرف ما جعله يتجاوز محنته، وأنَّ ابتسامتك في وجه شخص عابر لا تعرفه عزَّزت ثقته بنفسه، وجعلته يشعر أنه جدير بالحب.

أنت لا تعلم كم تستطيع أن تستثمر بإرثك من خيرات هذه الأرض لتجعل منها جنّة صالحة للعيش. لا بأس أن نوجِّه الخطأ ونصوِّبه بأسلوب فاعل، ولا نقتصر على التركيز على النواحي السلبية بمفردها حينما نفعل ذلك.

في زمن أصبح التنمُّر فيه على من حولنا مدعاةً للضحك، وتوجيه الانتقادات أسهل بكثير من ملاحظة الجانب المملوء من الكأس، في زمن تتثاقل فيه الرؤوس لترتفع، وتُحِدُّ العيون نظراتها في العيون حين الحديث، كن أنت سفير الرحمة، وانظر بعين الجمال في مجتمعك، فلربما كنت أنت سببًا يدعونا جميعًا لرؤية اللوحة وجمالها!

68 views0 comments

Recent Posts

See All

الصفح الجميل

لا أخالفك الرأي بأن عملية العفو و الصفح ثقيلة على القلب، إذ كيف تنسى الأذى الذي حُمّلت به من شخص ما و كيف أتعافى من هذه الأذية التي ربما تمادى أثرها النفسي على بدنك ، فتسرّب الهم على شكل صداع ، ضيق تن

" قولوا للنّاس حُسنا "

ما رأيت أخف من الكلمة على اللسان، تطير في الهواء بلا وزن و لا طعم ولا رائحة و ما رأيت أثقل من دوّيها على القلب. فربّ كلمة أطفأت حرباً ، سالمت بين أخوة أعياهم الفراق ، و داوت قلباً و أضحكت حزيناً و جبر

Post: Blog2_Post
bottom of page