في ظل رؤية ٢٠٣٠ و تمكين المرأه في سوق العمل، أصبحت المرأه جزء لايتجزأ من نهضة هذا البلد و تنميته و أخذت أدواراً قيادية في شتى مجالات العمل.
إلا أنها في الظروف الحالية لأزمة كورونا (كوفيد-١٩) تواجه المرأه عقبات لاحصر لها.
فلاشك أن الحظر الصحي و توقف المدارس و الحضانات و النوادي الصيفية شكّل تحدي كبير على الوالدين و بالأخص على الأم العاملة.
أثبتت الإحصائيات العالمية بأنه رغم تواجد بعض الأباء في المنزل إلا أنه لازلت حصة الأم هي الأكبر في التربية و الإهتمام بالأطفال.
لا يختلف شخصين على أنّ الأم هي الأعلى شعوراً بتأنيب الضمير على أطفالها و على كفّة أخرى تسعى للمثالية في عملها، فقد قيل أن تأنيب الضمير يولد مع الأنثى ويكبر معها لا إرادياً و يتضاعف حتماً مع أول مولودٍ لها.
التحدّي الأكبر الذي تواجه الأمهات العاملات الآن هو وجودهن أمام أطفالهن خلال العمل، و الأطفال دون الخامسة لم يتعودوا على فكرة أن أمي متاحة أمامي ولكنها ليست متاحة لي!
ولأن الأم تعلم جيداً أن الأطفال دون الخامسة هم في السنوات الذهبية من عمرهم و التي تحدد شخصياتهم على مدى حياتهم فهي تحرص تمام الحرص على أن توفّر لهم العناية و الإهتمام و التوجيه الخاص.
و في نفس الوقت تستمر في إحترافيتها المعهودة في العمل و التزامها المتوقع منها في كل المهام المتطلبه منها كموظفة على مستوى عالي من الكفاءة.
فتسعى الأم العاملة لوهم الموازنة بين العمل و الحياة ، لكن توازن تام ومثالي من هذا النوع ماهو إلا كذبة كبيرة لا وجود لها، بل هو إستنزاف لطاقة و مشاعر الإنسان.
لكنها تستطيع النجاح في كلتا الكفتين بتنمية جودة مهارات تحديد الأولويات في مهام العمل ثم تصنيفها على حسب أهميتها و من ثم إنجازها من خلال إدارة الوقت بالتركيز على أداء المهمات الصعبة و الأكثر أهمية في الصباح الباكر ثم يأتي دور المهمات الأسهل و الأقل أهمية بعد ذلك.
و من جانب آخر من الضروري جداً معرفة القيم التي تود أن تزرعها في أطفالها و بناءً عليها تقوم بتحديد قائمة أسبوعية ثم يومية بالمهارات و النشاطات المستحب عملها من دون أي ضغوط أو إلتزام مشروط للمهام المدوّنة القابلة للتأجيل ( مرفق ملف نشاطات للأستاذة نوف العبودي)، هكذا تستطيع المرأه أن تقيس مدى إنجازها و وصولها إلى هدفها، و غالباً ستتفاجئ بمقدار المهمات التي قامت بها ولو أنها لم تدونها و تتبعها لظنت أنها لم تقم بشيء قيّم!
فقد ذكرت إحدى الدراسات أن المرأة غالباً تقلل شأن ماتقوم به و عندما يُطلب منها تقييم نفسها تضع تقييم أقل من مستواها الحقيقي.
أعلم تماماً كأم عاملة أن كفّة العمل قد ترجح أحياناً وبذلك أقدم تنازلات عن كفة الأبناء مع توفير المساعدات المطلوبة لهم عن طريق شخص آخر من دون الشعور بالتقصير ، و في أحيان أخرى ترجح كفة الأبناء على العمل بتفهّم الزملاء و الإدارة للظروف المقدّمة.
فيجب أن تتنازل عن تصورات الوضع المثالي ، فمثلاً لا ننكر أن قضاء الأطفال بعض الوقت على الشاشات الإلكترونية هو أمر محبط و غير مرغوب لكن السماح لهم بقضاء ساعتين على الأجهزة الإلكترونية بينما تنجز الأم بعض الأعمال الهامة لن يضرّ عقولهم الصغيرة كما أثبتت الدراسات.
كما أن الإستعانة ببعض المساعدة من الآخرين سيخفف بعض العبء عنها و يمنحنها القدرة على التركيز في الإنجاز و إنهاء مهماتها العالقة.
و الأهم من ذلك كلّه ، توازن الأم العاملة النفسي و المعنوي بعنايتها بنفسها و تخصيص أوقات لنفسها للقيام بالهوايات المحببة لها أو لقراءة كتاب مع قهوة في وقت هاديء و مريح تستجمع فيه الأم طاقتها و تسترد فيه سلامها و إنتعاشها حتى تستطيع أن تواجه تحديات اليوم التالي وهي محفّزة لتقديم إنتاجية فعّالة و مميزة في عملها و بيتها.
فهذه هي الأدوات التي تكاد تمنحنا نحن كأمهات و قياديات حياة نكون فيها راضين عن أنفسنا في نهاية اليوم.
نهايةً ، أرفع القبعة لكل أم عاملة أم غير عاملة ، بكن الحياة تطيب.
Comments